19‏/5‏/2015
الثلاثاء, مايو 19, 2015

الإخراج الصحفي - المحاضرة الأولي: حروف المتن للدكتور سعيد الغريب

الإخراج الصحفي 
المحاضرة الأولي
د.سعيد الغريب
البناء التيبوغرافي للصفحة المطبوعة 


د.سعيد الغريبيقصد بالبناء structure بالنسبة للصفحة المطبوع: الهيكل العام لجسم الصفحة، بكل ما فيها من عناصر تيبوغرافية وجرافيكية، مختلفة الشكل والحجم واللون والاستخدام، ويكون هذا الهيكل سليم البنيان، بقدر ما يتمتع به من تناسب وتناسق بين هذه العناصر بعضها البعض، وبينها وبين محتوى كل صفحة من الناحية التحريرية، فيحس القارئ أن هناك وحدة كلية، تنتظم فيها جميع العناصر.

وكلمة "تيبوغرافيا" هي التعريف المتفق عليه لكلمة Typography باللغة الإنجليزية، أو Typographie باللغة الفرنسية، وكلتا الكلمتين تنقسم إلى مقطعين، أولهما Typo وهو النطق اللاتيني لكلمة Type الحديثة، ومعناها: الحرف الطباعي، أما ثانيهما، فأصله Graphein باللاتينية، ومعناه: النقش أو الرسم أو التسجيل ، ليصير معنى المصطلح كله "رسم الحروف الطباعية"

ويهتم علم التيبوغرافيا بهندسة حروف الطباعة، تصميمها وصناعتها وتشكيلها في عدد كبير من الهيئات، لكل هيئة منها سمات خاصة، وأفضلية معينة في الاستخدام الصحفي.

حرف النص ( المتن )

يخضع استخدام حروف النص –ويشار إليها أحيانا بالمتن- لاعتبار لا يمكن تجاهله من الناحية التيبوغرافية، وهو أن تتم عملية القراءة بأيسر طريقة ممكنة، بحيث لا يصاب بصر القارئ بالاجهاد، عندما يواصل القراءة فترة طويلة مستمرة من الوقت، وهو ا لاعتبار الذي يسميه الخبراء: "يسر القراء" (Readaility)

لتحميل المحاضرة وورد أضغط هنا

ويمكن تحقيق يسر القراءة من خلال أربعة عوامل أساسية، وهي:

1- شكل الحروف: ويقصد به الهيئة التي يظهر عليه الحرف الطباعي، يعد طبعه على الورق، ويشار إليه في المطابع غالباً بمصطلح "فونط" (Fount)

 وتحت هذا المصطلح تتدرج المستويات أو المعالم الشكلية التالية:

‌أ) تصميم الحروف: أي نوع الخط، الذي تم صنع الحروف الطباعية على أساسه، ويطلق عليه بالنسبة للحروف اللاتينية مصطلح "جنس" (Race)، ويسمى كل من أجناس الحروف باسم معين، مثل: Roman, Gothic, cursive, Monotonal.. وغيرها، أما بالنسبة لحروف العربية، فلعل أشهر أنواع الخطوط وأكثرها شيوعا لتصميم حروف النص هو النسخ، الذي يعد بحق أيسر أنواع الحروف العربية قراءة وكتابة، ومع أن هناك أنواعاً أخرى شهيرة، كالكوفي والثلث والديواني والفارسي والرقعة،

‌ب) كمال الحرف: فمن كل جنس من أجناس الحروف السابقة، هناك الحرف الكامل، وهناك الحرف المختصر، والفرق بينهما أن للأول أربعة أشكال لكل حرف- في المتوسط- وفقاً لموقع كل حرف من الكلمة، أما الثاني فإن له شكلين فقط.

‌ج) اتجاه الحرف: ومن كل جنس أيضاً، يمكن الحصول على الحرف نفسه مائلاً، وذلك بفضل التكنولوجيا الحديثة للجمع التصويري أو النشر الإلكتروني، واللذان يتيحان إمالة لحرف إلى اليمن، أو إلى اليسار، وبعدة درجات في كل من الاتجاهين، كما يمكن الإبقاء على الحرف معتدلاً.

وقد جرى العرف الإخراجي في الممارسات الصحفية العربية والأجنبية، أن تقتصر الصحيفة على استخدام شكل واحد فقط من أشكال الحرف بمستوياته الأربعة، لجمع كل النصوص بالصحيفة، ويهدف هذا الإجراء إلى إسباغ نوع من الوحدة على جميع الصفحات، وعلى جيمع أعداد الصحيفة نفسها.

إلا أن هناك حالات استثنائية –يجوز- فيها تغيير بعض معالم شكل الحرف، وأهم هذه الحالات: المقدمات، تعليقات الصور، العناوين الفرعية داخل النص، أسماء المحررين والكتاب، كأن تستخدم الحروف المائلة من نفس الجنس والكمال والاسرة لجمع النص في بعض –أو كل- الحالات المشار إليها، بحيث يلاحظ القارئ وجود (وحدة) بين النصوص بأنواعها ويحس في الوقت نفسه بوجود قدر من التنوع.

ولا توجد في الحقيقية أولوية أو أفضلية مطلقة لفونط آخر، إذ إن معظم أشكال الحروف المتاحة يسيرة القراءة بدرجات متقاربة، والعبربة أولاً وأخيراً بذوق المخرج في اختيار الفونط المناسب.

2- حجم الحروف: فبعد اختيار شكل الحرف- بكل معالمه - فإنه يتم جمعه بحجم معين، قد يكون صغيراً أو متوسطاً أو كبيراً، ويقاس عادة حجم الحروف بمقياس يسمى "بنط" (Point) والذي يمثل جزءاً واحداً من 72 جزءاً من البوصة.

وبالنسبة للصحف العربية فلأن تصميم الحرف العربي يختلف عن نظيره اللاتيني، من حيث التباين الكبير في ارتفاعات الحروف في تصميمها الأصلي، فقد رأى زيادة هذا الحجم المثالي إلى 9 أبناط في الجمع المعدني، 11 بنط في الجمع التصوير والنشر الإلكتروني، 

ونلاحظ أن هذا الحجم المثالي يعتبر الحد الأدنى لحجم حروف النصوص، أي لا ينبغي النزول عنه، إلا في حالات استثنائية نادرة هي:

‌أ) جمع السطور القليلة: التي لا تحتاج وقتا طويلاً أو مستمراً من الوقت للمتابعتها، مثل تعليقات الصور، وهنا فإن يسر القراءة يتحقق، بالرغم من هبوط الحجم عن الحد الأدنى المشار إيه، كذلك يمكن جمع المواد المجدولة بحجم مصغر، لنفس السبب، مثل أسعار العملات، درجات الحرارة بالمدن المختلفة، ترتيب الفرق في الدوري العام....الخ.

‌ب) جمع السطور الكثيرة: والتي يسعى إليها القارئ سعيا، وأبرز مثال على ذلك الإعلانات المبوبة في الصحف، وهنا فإن زيادة الدافعية لدى القارئ، تجعله يتحمل قدراً من عسر القراءة، في سبيل تحقيق غايته من متابعة هذه الإعلانات.

ومن المسائل الإخراجية التي تتم عادة معالجتها ضمن مسألة حجم الحروف: كثافتها، فرغم أن كثافة الحرف مسألة تتصل بالشكل، فإن علاقتها بالحجم هي أن الكثافة السوداء تعطي أثراً بصريا وهمياً بزيادة الحجم، مع أن الحرف مجموع من نفس البنط، وهناك بالنسبة للحروف العربية كثافتان، هما: الحرف الأبيض والحرف الأسود، أولهما ذو خطوط رفيعة رقيقة نحيفة، وثانيهما ذو خطوط سميكة تعطي سواداً أكثر.

ويتوقف اختيار إحدى الكثافتين في جمع النصوص على استخدام النص المجموع، فالنصوص الطويلة تجمع عادة بالحروف البيضاء، بعد أن ثبت أنها أكثر يسراً في القراءة من الحروف السوداء، وهذه الأخيرة تستخدم في جمع النصوص القصيرة، التي يراد لها مزيد من الجاذبية، كالمقدمات وتعليقات الصور والعناوين الفرعية.. الخ، على أساس الصعوبة النسبية عند قراءتها فترة طويلة مستمرة من الوقت، مع جاذبيتها للبصر أسرع، نظراً لشدة سوادها.

3- اتساع السطور: سبق أن ذكرنا منذ قليل أن لحد الأدنى لحروف النص من حيث الحجم، يتعرض للتعديل في حالة الجمع على أكثر من اتساع العمود الواحد، فإذا استخدمنا بنط 10 أو 11 مثلاً باتساع عمودين أو ثلاثة، لأدى ذلك إلى إجهاد بصر القارئ من جهة، إذ يقطع في هذه الحالة مسافة طيلة على كل سطر، بالإضافة إلى احتمال وقوع البصر على نفس السطر، عند الفراغ من قراءة السطر الأول من جهة أخرى، الأمر الذي يمكن تجنبه بسهولة، إذا زدنا حجم الحروف، مع كل زيادة في الاتساع المطلوب (علاقة طردية).

ومن المعادلات التقليدية في هذا الشأن ألا يزيد اتساع السطر إلا بمقدار مرة ونصف عن حجم الحروف المستخدمة، فإذا أردنا الجمع باتساع 15 كور (عمود ونصف)، لا ينبغي أن يقل الحجم عن 10 أبناط فإذا زاد الاتساع إلى 20 كوراً (عمودين)، فلنختر حجما لا يقل عن 12 بنطاً.. وهكذا.

ويظهر لنا في الفترة السابقة مصطلح جديد هو "كور" (Picas) وهو المقياس الشائع –فيما مضى- لاتساعات السطور، ويبلغ الكور الواحد مقدار 12 بنطاً، أي سدس بوصة، أما الآن ومع استخدام النشر الإلكتروني فإن وحدة السنتيمتر تستخدم بديلاً عن الكور، الذي كان مستخدما في أيام الجمع المعدني والجمع التصوير.

ومن الاتجاهات الحديثة كذلك في اتساعات جمع النصوص، هو ألا تكون السطور متساوية، بمعنى أن تكون بداياتها موحدة –على خط وهمي واحد- وأن تختلف نهاياتها بشكل عشوائي، وهو ما يسمى "بالجمع المنطلق" (Flush) وبالإضافة إلى كونه إجراء عملي في الجمع، على أساس أنه يوفر وقت جامع الحروف، ويقلل –أو يمنع- استخدام الكشائد أو البياض الزائد بين الكلمات، فهو أيضاً مريح للعين، وأكثر ألفة للقارئ على أساس تشابه النص في هذه الحالة مع الكتابة اليدوية، فضلاً عن أن البياض غير المنتظم في نهايات السطور، يعطي كتلة النص –ككل- شكلاً أجمل.

4- البياض بين السطور: والبياض من العناصر الهامة في إخراج الصحف بوجه عام، ومعناه: ترك مساحة معينة في الورق فارغة، دون طبع شيء عليها، ولأن اللون الأبيض (لون الورق) يعكس كمية كبيرة من الضوء، فهو يريح بصر القارئ ويوفر مزيداً من الإضاءة التي تؤدي إلى الوضوح والجاذبية.

ولكي نحقق مزيداً من يسر القراءة بالنسبة للنص، يحسن زيادة البياض بين السطور، بحيث لا تتلاحم حروف كل سطر مع السطر السابق أو السطر اللاحق، فإذا زدنا هذا البياض، لأمكن استخدام حروف صغيرة الحجم –إلى حد ما- مع اتساعات كبيرة نسبياً، فالبياض بين السطور يعطي أثراً بصرياً بزيادة الحجم بعض الشيء، ويوفر له مزيداً من الوضوح.


وهناك بعض النصائح التي يسديها خبراء إخراج الصحف للمخرجين المبتدئين حول التعامل مع عنصر النص (المتن) بصفة عامة:

· تجنب استخدام أكثر من حجم في نفس السطر، فإن ذلك يربط القارئ.

· في حالة تكون الموضوع الواحد من عدة أعمدة، حاول بقدر الإمكان أن يكون كل سطر في العمود الأول بحذاء كل سطر من الأعمدة التالية، ويمكن إجراء ذلك بسهولة من خلال التحكم في البياض بين السطور، فإن ذلك يعطي الموضوع كله وحدة واحدة.

· لابد من توحيد أحجام العناوين الفرعية، على الأقل في كل موضوع بذاته.

· تجنب بدء أحد أعمدة الموضوع بعنوان فرعي، بل يحسن أن يسبقه ولو سطر واحد أو سطران من النص نفسه.

· تجنب أن تختتم السطر الأخير من الموضوع بنقطة (نهاية فقرة) وإلا فسوف يتصور القارئ أن الموضوع قد انتهى عند هذا الحد، وقد لا يكمل القراءة.

· عند نهاية الموضوع، لابد أن يكون البياض متساوياً في كل أعمدة الموضوع، وينصح بأن يبلغ البياض في هذه الحالة نفس حجم حروف النص.

· تجنب أن يقطع سياق سطور النص أي عنصر آخر –كصورة مثلاً- فلابد ألا يكون لبصر القارئ إلا طريق واحد (إجباري) لكيلا نصيبه بالحيرة والارتباك.

· يجب أن تتحاذى السطور الأولى من أعمدة الموضوع بعضها مع بعض آخر، وكذلك السطور الأخيرة.

· عند وضع نص ما داخل إطار (Box) لابد من تقليل اتساع جمع النص في هذه الحالة، لكيلا تصطدم حافتا النص يمنة ويسرة بأسوجة الإطار.

· عند استخدام حرف استهلالي –أو كلمة- لابد أن يكون من نفس شكل حروف النص، مع تغيير حجمه كما تشاء.

· حاول تغيير اتساع جمع أحد موضوعات الصفحة، عن بقية الموضوعات، إن ذلك يضفي تنوعاً وحيوية على إخراج الصفحة ككل.

· تجنب بقدر الإمكان ترحيل بقية الموضوعات الطويلة إلى صفحة أخرى، فهو إجراء مزعج للقارئ، وقد أثبتت الدراسات الميدانية أن القارئ غالباً لا يقرأ البقية.

· لا تضح بالمسافات البيضاء بين الأعمدة، فلا ينبغي أن تقلل أبداً بأي حال من الأحوال عن واحد كور، ويفضل زيادتها عن ذلك.


بكم نكتمل 
المشاركة أفضل طرق التعلم 
مع تحيات فريق عمل مدونة مستر إعلام

هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افضل 10 مواضيع