28‏/6‏/2015
الأحد, يونيو 28, 2015

الإخراج الصحفي: المحاضرة الرابعة والأخيرة لدكتور شريف درويش

الإخراج الصحفي
المحاضرة الرابعة والأخيرة
د.شريف درويش

الرسوم الصحفية

هي كل ما ينتجه الرسام، وينشر في الصحف لأداء وظائف صحيفة معينة، كالنقد أو التوضيح أو التعبير، والرسوم هي أقدم العناصر الجرافيكية في الصحف المطبوعة على الإطلاق، إذ كانت -قبل اختراع آلة التصوير- هي البديل الوحيد المتاح وقتها.

1) الرسوم الساخرة: وهي التي تؤدي في الصحيفة وظيفة الإضحاك بغرض تسلية القراء وتسمى عندئذ ":كاريكاتير" (Caricature)، أو قد تؤدي –مع الإضحاك أو بدلاً منه- وظيفة النقد السياسي أو الاجتماعي، وتسمى عندئذ "كارتون" (Cartoon)، ويلاحظ أن هذه التفرقة موضوعية بحتة، أما من الناحية الشكلية الإخراجية فالنوعان واحد.






‌أ) مساحة الرسم: يمكن أن يحتل عموداً واحداً كحد أدنى، وأي عدد من الأعمدة كحد أقصى، ولكنه في واقع الممارسة العملية يتراوح بين عمودين وأربعة أعمدة في معظم الحالات، ويتوقف اختيار مساحة معينة للرسم الساخر على أهمية القضية التي يطرحها الرسام، وعلى شهرة الرسام نفسه، وعلى طبيعة المنظر المرسوم، وعدد الأشخاص الظاهرين فيه، وأخيراً سياسة الصحيفة.

‌ب) موقع الرسم: في الغالب لا يتصل الرسم الساخر بموضوع معين، ولذلك ينشر في أي موقع أن يختاره المخرج، محاطاً بإطار، يفصله عن باقي مواد الصفحة التي نُشر بها، وتميل الصحف إلى أن يتخذ الرسم الساخر بها موقعاً ثابتاً لا يتغير، وفي كثير من الحالات إن صفحة الرأي هي التي تحظى بوجود الرسم الساخر، خاصة إذا كان من نوع الكارتون، الذي يعتبره الخبراء بمثابة "مقال رأي"، يطرح فيه الرسام وجهة نظره.

‌ج) المعالجة الجرافيكية للرسم: من الناحية الشكلية الفنية، لا ينصح عموماً بأن تبقى المساحات المرسومة فارغة، أي أن تكون محددة بحواف خارجية، وفي داخلها بياض الورق، ولذلك يلجأ كثير من الرسامين إلى ملء هذه الفراغات ببعض الظلال أو النقوش التي يختارها، وتكون مطبوعة على ورق أبيض أو ورق شفاف، يقوم المخرج بقص الشكل المطلوب، ولصقه على الجزء المراد ملؤه، كذلك قد يقوم الرسام بتلوين رسمه، إذا كانت الصحيفة تطبع بالألوان –كالمجلات مثلاً- وفي بعض الأحيان يقوم المخرج بهذا العمل أيضا نيابة عن الرسام.

‌د) التعليق المصاحب للرسم الساخر: وينقسم إلى جزئين:
· عنوان الرسم: ويمثل اسم القضية أو المشكلة، التي يتعرض لها الرسام بالنقد مثلاً، وفي هذه الحالة يوضع أعلى الرسم، وهو الموقع الطبيعي لأي عنوان، شأنه في ذلك شأن عنوان الخبر أو الموضوع الصحفي، ويجمع بحجم كبير نسبياً، على الأقل لحجم حروف النص.

· الحوار: والذي لا يكاد يخلو منه رسم ساخر، وهو عبارة عن حديث متبادل بين شخصين أو أكثر، ويتم وضعه بإحدى طريقتين:

- أن يكون مجموعاً بنفس حروف النص، وفي هذه الحال يوضع أسفل الرسم مباشرة.

- أن يكون مكتوباً بخط الرسام، وفي هذه الحالة يوضع داخل "بالون" ينطلق من فم المتحدث.



2) الرسوم التوضيحية: وهي التي تؤدي وظيفة التبسيط والشرح، بالنسبة للمضمون الصحفي المعقد، الذي يصعب شرحه من خلال النص المنشور، وعلى ذلك فإن لهذا النوع من الرسوم نوعين فرعيين، هما أكثرها شيوعا بين الصحف:

‌أ) الخرائط الجغرافية: ففي بعض الموضوعات السياسية أو العسكرية أو الاستراتيجية، تحب الصحيفة أن توضح لقرائها سيادة اتجاه سياسي معين في عدد من الدول، أو تحركات الجيوش من دولة غازية إلى أخرى في حالات الحرب.. الخ، وتحتاج مثل هذه الحالات إلى نشر خريطة توضح هذا المفهوم أو ذاك.

وتحظى الخرائط باهتمام المخرجين في الصحف الأوروبية والأمريكية، إذ هم يدركون أهميتها الصحفية بالنسبة للقراء، فتجدهم يخصصون لها مساحة معقولة، تجعلها واضحة، وتجعل بالتالي كل بياناتها المتضمنة فيها واضحة أيضا، كما يتفننون هناك في المعالجة الجرافيكية للخريطة، من خلال تظليل البحار، أو تلوين كل دولة بلون مغاير، وكذلك في وضع بعض الرسوم الصغيرة داخل الخريطة، تعطي التوضيح والتعبير معاً، كرسوم دبابات أو طائرات أو صواريخ في الخرائط العسكرية، أما في الصحف المصرية –والعربية عموماً- فالخريطة عنصر مهمل، ينشر باتساع ضئيل، لا يوضح تفصيلاتها، بل وتقع بعض الصحف أحياناً في خطأ نقل الخريطة من أحد الأطالس، أو إحدى الصحف الأجنبية دون أن تكلف نفسها عناء ترجمة أسماء الدول أو البحار أو المدن العربية.

‌ب) الرسوم البيانية: وهي مخصصة في الصحافة 0وفي غيرها من المجالات- في شرح وتوضيح البيانات الرقمية، كالإحصاءات مثلاً، وتحفل الصحف بعديد من الموضوعات، وخاصة في المجال الاقتصادي، والتي تحتاج إلى رسوم بيانية توضح دلالات الأرقام وعلاقاتها وتطورها مثلاً من سنة إلى أخرى، أو مقارنتها بأرقام دول أخرى.... الخ.

والصحف العربية بصفة عامة شحيحة في استخدام هذا النوع من الرسوم، برغم اهتمام الصحف المصرية مثلاً في الآونة الأخيرة بالموضوعات الاقتصادية، وأغلبها معقد غير مفهوم، بالنسبة لعموم القراء، أما الصحف الأوربية والأمريكية فتتفنن في المعالجة الجرافيكية للرسوم البيانية، بحيث تخرجها من دائرة الارقام الجافة الجامدة المملة، إلى حيث تصبح في ذاتها عنصر جذب لبصر القارئ فتطعمها ببعض الصور الصغيرة أو الرسوم، وتلونها، وتظللها... الخ.


3) الرسوم التعبيرية: تحفل الصحف المصرية والعربية عموماً ببعض الموضوعات الصحفية الخفيفة، غير المحتاجة إلى توضيح غالباً، ولكنها محتاجة إلى التعبير عن المشاعر الإنسانية والانفعالات والعواطف، ومن ذلك مثلاً: الجرائم والقصص الإنسانية وبعض الأعمال الأدبية المنشورة بالصحف، ولذلك يلجأ المخرج كثيراً إلى الرسام، لكي يعطيه رسماً فنيا يتميز بالجمال، والأهم أن يعبر عن محتوى الموضوع، ويتعذر أداء ذلك العمل بطبيعة الحال ما لم يقم الرسام نفسه بقراءة الموضوع والانفعال به، بحيث يتمكن من التعبير.

وفي بعض الأحيان يفضل المخرج توفير المساحة التي سوف يشغلها الرسم التعبيري، خاصة ,أنه غير مقروء في ذاته، وغير مطلوب إيضاح تفصيلاته، فيعمد إلى طباعته كأرضية لنص الموضوع، ويسمى هذا الإجراء "بالطبع النحتي" (Under printing)، والذي يشترط لأدائه بطريقة سليمة وفعالة ما يلي:

أ‌) طبعة بلون باهت جداً، أو بدرجة خفيفة من أي لون، لكيلا يطغى على النص المطبوع فوقه.

ب‌) جمع نص الموضوع بحروف أكبر من المعتاد من حيث الحجم، أو أثقل من حيث الكثافة.


4) رسوم البورتريه: وهي عادة قديمة انتشرت بين الصحف المطبوعة قبل اختراع آلة التصوير، فعندما يريد المخرج نشر صور لأحد الأشخاص –ولاسيما المشاهير- فإنه يكلف الرسام بإنتاج رسم بصورة هذا الشخص، طالما كانت ملامحه معروفة، ورغم استخدام الصورة الفوتوغرافية فيما بعد لأداء نفس الغرض، ظلت بعض الصحف تفضل نشر صور الأشخاص مرسومة، وليست مصورة فوتوغرافياً، وتسمى هذه الصور "بورتريه" (Portrait) أي رسم الملامح.

وتخصصت صحف معينة معروفة في إتباع هذا الإجراء، فعلى المستوى العالمي هناك "لوموند الفرنسية" و"كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية" على سبيل المثال، أما في مصر فقد تخصصت مجلتا: "روز اليوسف" و"صباح الخير" في تقديم بورتريهات الأشخاص، وليس معنى ذلك أن تقتصر الصورة الشخصية على البورتريه، وإنما يمكن المزج بينهما على مدار صفحات المجلة، لكنها تبقى سمة مميزة لصحف معينة، دون غيرها.

وتلعب البورتريهات دوراً في إضافة التنويع على الصورة الشخصية، وخلق شخصية مميزة للصحيفة، عن غيرها من الصحف في المجتمع نفسه، وإن كانت أخف ثقلاً عن الصورة الشخصية الفوتوغرافية، مما يجعلها تندمج بسهولة مع سطور النص.


بكم نكتمل
المشاركة أفضل طرق التعلم
فريق عمل مدونة مستر إعلام



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افضل 10 مواضيع