11‏/12‏/2016
الأحد, ديسمبر 11, 2016

موضوع خاص في الإذاعة المحاضرة الخامسة ( الجزء الأول ) الإعلام ومواجهة قضايا تلوث البيئة للدكتور أيمن منصور

موضوع خاص في الإذاعة
المحاضرة الخامسة ( الجزء الأول )
د. أيمن منصور
الإعلام ومواجهة قضايا تلوث البيئة

أولاً: قضايا تلوث البيئة في مصر : ملامح الواقع :
مشكلات تلوث الهواء في مصر:
تواجه البيئة المصرية على مستوى الهواء العديد من التحديات والتى تجعل من تلوث الهواء واحدة من المشكلات التى يصعب مواجهتها، ووضع حلول جذرية لها، فالانبعاثات المتولدة من 3 مليون مركبة، والتوسع في الأنشطة الصناعية دون تخطيط مسبق لأماكن المصانع، وانتشار المصانع داخل الكتل السكنية، تؤثر سلباً على نظافة هواء مصر.











وتزداد هذه التحديات شدة على مستوى العاصمة حيث يجوب شوارعها أكثر من 2 مليون مركبة، وينتشر بها أكثر من 15 ألف منشأة صناعية، ويتواجد بها أعداد ضخمة من المسابك ومكامير الفحم والفواخير وكسارات الحجارة، وأفران الجير الحى، ومحطات توليد الكهرباء، ومقالب القمامة العشوائية.

إضافة إلى وجود العاصمة من حيث الموقع الجغرافى بين عدة مرتفعات تجعلها أكثر عرضة لظاهرة الاحتباس الحرارى في خريف كل عام، ويظهر ما يسمى بظاهرة (السحابة السوداء) التى تؤدى إلى معاناة المقيمين بها ولاسيما مرضى الصدر والجهاز التنفسى. إضافة إلي التحديات السابقة، فلا يزال حرق المخلفات الزراعية مثل قش الأرز وحطب القطن، ومصاصة القصب، وحرق الأخشاب، وحرق الكوتش، والكابلات، والبلاستيك، تمثل هى الأخرى مصادر ذات تأثير ملحوظ على نظافة هواء مصر بشكل عام، وهواء العاصمة بشكل خاص.


وتشير التقارير الرسمية الصادرة من وزارة الدولة لشئون البيئة بشأن التحليل العلمى لظاهرة السحابة السوداء التى تتعرض لها القاهرة الكبرى فى شهرى أكتوبر ونوفمبر منذ عام 1998م حتى الآن إلى أن المخلفات الزراعية تأتى فى المرتبة الأولى من حيث كونها أحد أسباب أو مصادر الأزمة بنسبة 42% ، يليها عوادم المركبات بنسبة 23%، والانبعاثات الصناعية بنسبة 23%، وحرق المخلفات البليدية بنسبة 12%.

وتتخذ وزارة الدولة
لشئون البيئة العديد من السياسات والإجراءات التى تستهدف الحد من تلوث الهواء، ومن هذه الإجراءات نشر 40 محطة رصد لقياس مستويات تلوث الهواء فى القاهرة والمحافظات، وتنفيذ برنامج طموح لتوفيق أوضاع المصانع الملوثة للهواء على فترات زمنية ولاسيما مصانع الأسمنت، وإمداد وزارة الداخلية بأجهزة الفحص الفنى للسيارات كشرط لاختبار السيارة فنياً، عند تجديد الرخصة، وعمل حملات على الطرق العامة لمراقبة السيارات، إضافة إلى حملات أخرى لمراقبة المزارعين ومنعهم من حرق المخلفات الزراعية وانتهاك سياسة تدوير المخلفات الزراعية، والحصول على دعم أجنبى لتوفيق أوضاع المصانع بالقاهرة والاسكندرية، إضافة إلى تنفيذ برنامج لتحويل السيارات الحكومية التي تعمل حالياً بالبنزين والديزل لتعمل بالغاز الطبيعى مستقبلاً، وذلك بالتعاون مع وزارتى البترول والمالية.

ورغم السياسات
والإجراءات السابقة، إلا أن الملاحظ هو تفاقم مشكلات تلوث الهواء وتزايد حدتها يوماً بعد يوم ولاسيما فى العاصمة، فعدد المركبات يتزايد، وحجم الانبعاثات يتزايد، ونشاهد فى الطرق العامة نسبة ملحوظة من السيارات المخالفة دون تطبيق لإجراءات قانونية رادعة تحول دون تلوث الهواء بعادم السيارات، وتتلاعب بعض المصانع فى تطبيق الإجراءات التي تحد من الانبعاثات الملوثة للهواء. وليس لدى المزارعين بديلاً آخر لحرق المخلفات الزراعية، كما يلجأ المواطنون فى الأحياء العشوائية والفقيرة إلى حرق القمامة والمخلفات نظراً لتقاعس شركات النظافة عن الالتزام بمهامها على الوجه الأكمل. وفى ضوء عدم الردع من جانب الجهات التنفيذية فى التعامل مع مصادر تلوث الهواء، إضافة إلى ضعف الوعى العام بقضايا البيئة وخطورتها على صحة الإنسان، لا يتوقع وجود حلول جذرية لمشكلات تلوث الهواء أو الحد منها فى إطار الحدود الآمنة التى تقرها المنظمات الدولية ذات الصلة.

 مشكلات تلوث المياه في مصر :
يعد تلوث مياه نهر النيل بمثابة التحدى الأكبر الذى يواجه مصر فى مجال الحفاظ على مياه نهر النيل، فالتلوث يحد من استخدامات المياه لتدهور نوعيتها، وبالتالى تقل القيمة الاقتصادية لها.


فمصر تواجه تحدياً رئيسياً يكمن فى حماية 55.5 مليار متر مكعب هى نصيب مصر من مياه نهر النيل، والتى تشكل 69% من إجمالى استهلاك مصر للمياه، من خلال مواجهة مصادر التلوث الناتج عن الصرف الصحى والزراعى والصناعى ومخلفات العائمات والبواخر والسلوكيات البشرية السلبية المتمثلة فى رمى المخلفات والقمامة والحيوانات النافقة.

ويبلغ عدد محطات الصرف الزراعى على نهر النيل من أسوان وحتى البجر الأبيض المتوسط 80 نقطة، منها 73 نقطة فى المسافة من أسوان حتى القناطر الخيرية، و5 نقاط على فرع رشيد، و3 نقاط على فرع دمياط.

وتوجد أيضا 59 نقطة للصرف الصناعى على طول مجرى النهر، وتحتوى مياه الصرف الصناعى على معادن ثقيلة ومواد عضوية ومواد سامة وضارة بالصحة.

إضافة إلى ما تقدم توجد أيضاً العديد من المصارف الزراعية التى تستخدم كقنوات للصرف الصحى، وتصل فى نهاية الأمر إلى نهر النيل
بدون معالجة.

وإذا ما انتقلنا إلى مياه مصر البحرية فإن الأمر يتعلق بحماية شواطئ مصر الساحلية بمسافة ثلاثة آلاف كيلو متر للبحر المتوسط، والأحمر، وخليجى السويس والعقبة حيث يقطن بها نصف السكان، وتشهد 40% من إجمالى الأنشطة الصناعية فى مصر، ويتركز بها 85% من أنشطة إنتاج الغاز والنفط، إضافة إلى العديد من الأنشطة الحضارية والسياحية.

وتتعدد مصادر
التلوث للبيئة البحرية المصرية، ويأتى فى مقدمة هذه المصادر التلوث بالزيت والناتج من استخدام ناقلات النفط للمياه البحرية المصرية، وشهدت البيئة البحرية المصرية، وكذلك قناة السويس العديد من حوادث تسرب الزيت الناتج عن ناقلات النفط العملاقة.

كما تمثل
حوادث الخلل فى عمليتى الشحن والتفريغ أحد مصادر تلوث المياه الساحلية بالزيت، ولعل حادثة تسرب 17 ألف برميل من الزيت أثناء تعبئة إحدى الناقلات بالزيت فى ميناء الغردقة عام 1982 م نتيجة تمزق مفاجئ فى الخرطوم الموصل بين مستودعات الزيت والناقلة خير دليل على ذلك.

وتمثل مخلفات
السفن التجارية والناقلات من زيوت محترقة أحد مصادر التلوث للمياه البحرية المصرية، ناهيك عن مخلفات المصانع بما تحتوى عليه من مواد متعددة ملوثة للمياه البحرية، وتؤثر على الثروة البحرية الكبيرة بها، خاصة مع عدم معالجة هذه المخلفات قبل رميها فى المياه البحرية. ويضاف إلى ما تقدم جميع مصادر تلوث مياه النيل السابق التحدث عنها من صرف صحى، زراعى، صناعى، وجميعها تسهم فى تلوث المياه الساحلية لمصر.

وأمام المخاطر
المترتبة على تلوث المياه العذبة (مياه نهر النيل) فى مصر، وضعت وزارة الرى والموارد المائية خطة طموحة يمتد تنفيذها حتى عام 2017م على ثلاثة مراحل، بتكلفة إجمالية تبلغ 10.2 مليار جنيه من خلال برنامج زمنى محدد يعالج كافة مصادر تلوث النيل من صرف صناعى وزراعى وصحى، إضافة إلى دعم شبكات رصد ومراقبة نوعية المياه السطحية والجوفية، وتغطيات الترع والمصارف داخل الكتل السكنية، وكذلك دعم جهـود التوعية الإعلاميـة بمخاطر تلوث مياه نهر النيل. تبلغ قيمة تنفيذ المرحلة الأولى من هذا المشروع 5 مليار و 390 مليون جنية ويمتد تنفيذها حتى عام 2012، وتبلغ تكلفة المرحلة الثانية 2 مليار و 815 مليون جنية، ويستمر العمل بها حتى عام 2017، أما الأولوية الثالثة فتبلغ تكلفتها مليار و 995 مليون جنية ويستمر العمل بها حتى عام 2017م.

 تلوث التربة فى مصر :
يعد تلوث التربة من أهم مشكلات التلوث البيئى التي تواجهها مصر فى وقتنا الراهن، خاصة مع الإسراف فى استعمال الأسمدة الكيميائية نتيجة لزيادة التكثيف الزراعى ومحاولة التوصل إلى أعلى إنتاجية ممكنة للأرض الزراعية، ووصل معدل استخدام الأسمدة الكيميائية إلى مستويات تفوق المعدلات العالمية، وأدى ذلك إلى تركيز العناصر الغذائية فى مياه الصرف الصحى مما أدى إلى تلوث مياه الصرف والرى ومياه البحيرات الشمالية، كما ازداد تلوث التربة والمياه نتيجة الأستخدام غير الرشيد للمبيدات بمختلف أنواعها، يضاف إلى ذلك أن تسرب مياه الصرف الصحى والصرف الصناعى إلى المجارى المائية قد أضر بالتربة الزراعية والمواد المائية.

إضافة إلى مصادر التلوث السابقة للتربة المصرية، فإنها تتعرض أيضاً لعوامل تدهور أخرى منها على سبيل المثال ما يتعلق بملوحة التربة، نتيجة انتشار الرى بالغمر، حيث يتم الإسراف فى استعمال المياه، وغمر الأراضى بالمياه مقترناً بسوء الصرف، ويترتب على ذلك تدهور بعض صفات التربة الكيميائية والحيوية والفيزيائية.

كما تتعرض بعض الأراضى الزراعية فى شمال الدلتا لظاهرة التآكل، والتى تؤدى إلى تآكل آلاف الأفدنة نتيجة ظاهرة النحر فى المناطق الشاطئية بفعل انخفاض حمل مياه النيل فى فرعى رشيد ودمياط من الطمى.

وترجع مخاطر تلوث التربة إلى ارتباطها المباشر بتلوث الغذاء الذى هو أساس بناء الإنسان، ولعل تعدد مصار تلوث الغذاء سواء كان مصدره التربة الزراعية وملوثاتها، أو كان مصدره سلوك الإنسان غير الرشيد فى عمليات التخزين والنقل والتعليب والحفظ، ترتبط مباشرة بصحة المواطن المصرى، وانتشار بعض الأمراض التى يرجع المتخصصون أسبابها للتلوث البيئى.

 مشكلة التلوث الضوضائى :
أصبحت مشكلة التلوث الضوضائى واحدة من المشكلات الرئيسية التى تؤرق أهل المدن، حيث تتعدد مصادر التلوث السمعى بما ينطوى عليه ذلك من مخاطر تلحق بصحة الإنسان.

وصاحب تطور الحياة المعاصرة العديد من مصادر التلوث الضوضائى مثل الأعداد الهائلة من السيارات، والتى يقدر عددها فى القاهرة الكبرى 2 مليون سيارة، واستخدام آلات التنبيه بشكل عشوائى من جانب قائدى السيارات، وضوضاء الطائرات خاصة لدى المقيمين بجوار المطارات، ناهيك عن مصادر أخرى متعددة مثل ضوضاء المصانع والباعة الجائلين وغيرها.

ويشير المتخصصون إلى وجود مخاطر حقيقية على صحة المواطنين نتيجة تزايد حدة التلوث الضوضائى يوماً بعد يوم للدرجة التى أصبح يتلازم معها بعض الأمراض مثل :
- إضعاف قدرة الأذن على السمع.
- تقلص وضيق فى الشرايين.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الأرق وزيادة إفراز العرق واضطراب عملية التنفس.
- اضطراب الجهاز العصبى.
- الصداع والشعور بالإرهاق.
- تناقص القدرة على التركيز الذهنى
- الاكتئاب وسوء الحالة النفسية.

ثانيا :سمات المعالجة الإعلامية لقضايا البيئة:
- قلة المساحة الزمنية المخصصة لمعالجة قضايا البيئة فى برامج الإذاعة المصرية.
- قلة المساحة الزمنية المخصصة لمعالجة قضايا البيئة فى برامج التليفزيون المصري.
- قلة المساحة الصحفية المخصصة لمعالجة قضايا البيئة فى الصحف والمجلات المصرية.

تفتقد أجندة الإعلام المصرى بقضايا البيئة إلى التوازن، حيث تركز وسائل الإعلام المصرية على قضايا تلوث الهواء والماء والغذاء، فى حين تتجاهل قضايا بيئية أخرى على جانب كبير من الأهمية.

وينبغى تركيز وسائل الإعلام أيضاً على قضايا التغيرات المناخية، والتى تستوجب مزيداً من الحذر والدراسة لمتابعة الانعكاسات السلبية لتأثير التغيرات المناخية على درجات الحرارة، وقلة منسوب المياه فى نهر النيل، وارتفاع مستوى البحر بما يحمله معه من تهديد لشمال الدلتا.

وينبغى أن يركز الإعلام بقنواته المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية على مشكلات المخلفات الصلبة باعتبارها واحدة من التحديات الكبيرة التى تواجه البيئة فى مصر، خاصة مع تزايد حجم التراكمات التاريخية إلى 26 مليون متر مكعب فى محافظات مصر المختلفة، إضافة إلى التزايد الملحوظ فى كمية المخلفات البلدية الصلبة المتولدة سنوياً والتى تصل إلى 70 مليون طن.

ولا تعطى وسائل الإعلام الاهتمام الكافى بقضايا البيئة ذات الصلة بالمواد والنفايات الخطرة نتيجة نمو النشاط الصناعى والزراعى والعلاجى والبحثى والمعملى والصحى وتزايد حركة الملاحة البحرية ، إضافة إلى الأزمات والكوارث البيئية والتى تستلزم إدارة علمية واستثمارات ضخمة لمواجهة أخطارها.

تعتمد المعالجة الإعلامية المقدمة لقضايا البيئة فى مصر على مصادر المعلومات الرسمية دون الاهتمام الواضح بالمصادر غير الرسمية على مستوى الخبراء والعلماء ومؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى مجال البيئة، والمصادر المختلفة فى أوساط الرأى العام.

يؤخذ أيضاً على المعالجة الإعلامية لقضايا البيئة اتسامها بالسطحية، والافتقار إلى تقديم تفسير متعمق للأحداث والموضوعات البيئية التىتعرض من خلال وسائل الإعلام.

تركز المعالجة الإعلامية فى تناولها لقضايا البيئة على الأشكال والقوالب الفنية النمطية سواء ارتبط ذلك بالصحافة أو الإذاعة أو التليفزيون، وتعجز البرامج الإذاعية والتليفزيونية عن توظيف آليات الجذب الجماهيرى فى برامج البيئة المقدمة بها.

يتصل بما سبق غياب التخطيط العلمى على مستوى تحديد فئات جماهيرية واضحة للرسائل الإعلامية، فالغالب على برامج البيئة بالإذاعة والتليفزيون أن تتوجه إلى الجمهور العام على اختلاف خصائصة الديموجرافية، (النوع – العمر – المستوى الاقتصادى – الاجتماعى)، رغم صعوبة مخاطبة كافة فئات الجمهور بنفس اللغة ونفس الأسلوب.

تعتمد المعالجة الإعلامية لقضايا البيئة فى وسائل الإعلام المختلفة على استراتيجيات إقناع نمطية ومكررة فى مجال التأثير على الجمهور، وتحقيق أهداف الرسالة الإعلامية، فتقديم الإنجازات الرسمية، والأنشطة التى تقوم بها وزارة الدولة لشئون البيئة هى الطابع الغالب على الأداء الإعلامى، فى مقابل ذلك تقل الرسائل الإعلامية بشكل واضح حول التوعية البيئية.

علاقة الجمهور بوسائل الإعلام كمصادر للمعلومات البيئية:
تشير نتائج البحوث والدراسات السابقة التى اهتمت بمصادر المعلومات البيئية لدى الجمهور المصرى إلى أن التليفزيون يأتى فى مقدمة مصادر المعلومات التى يلجأ إليها الجمهور على اختلاف خصائصة الديموجرافية (النوع – العمر – المستوى الاقتصادى – الاجتماعى) لمتابعة الموضوعات والقضايا البيئية.

وتشير نتائج الدراسات السابقة أيضاً إلى أن الصحف تأتى فى المرتبة الثانية من حيث الأهمية كمصدر للمعلومات بشأن الموضوعات والقضايا البيئية ولاسيما بين المستويات الأكثر تعليماً وثقافة بين فئات الجمهور.

ويأتى ترتيب الإذاعة فى المرتبة الثالثة من حيث الأهمية كمصدر للمعلومات البيئية، وتبرز ذات الدراسات ضعف الاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة كمصدر للمعلومات البيئية، مقارنة بأهميتها على مستوى قضايا أخرى.

وتجمع البحوث والدراسات السابقة التى اهتمت بالإعلام البيئى إلى وجود تأثير إيجابى لمتابعة البرامج الإذاعية والتليفزيونية وكذلك المواد الصحفية المهتمة بموضوعات وقضايا البيئة على معارف الجمهور واتجاهاته بشأن البيئة فى مصر، وإن اختلفت هذه الدراسات فى تحديد درجة الارتباط بين التعرض لوسائل الإعلام والوعى البيئى، حيث انتهت بعض الدراسات إلى وجود ارتباط قوى بينهما، فى حين انتهت دراسات أخرى إلى وجود ارتباط متوسط، كما انتهت بعض الدراسات إلى أن هذا الارتباط ضعيف.

خلصت معظم الدراسات السابقة إلى الحاجة الملحة لتفعيل دور الإعلام بقنواته المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية فى تنمية الوعى البيئى بمستوياته المختلفة (المعرفة – الاتجاه- السلوك) فى المجتمع المصرى.

أكدت الدراسات السابقة أن نجاح الإعلام فى ربط الجمهور بالبيئة ارتبط بالجانب المعرفى، بمعنى أن الوعى البيئى لم يتحول بعد إلى ترشيد سلوكيات المواطنين فى التعامل مع البيئة وقضاياها، هذا ما يؤكد أهمية تقديم عناصر الوعى البيئى فى شكل جديد يؤكد على السلوكيات التى ينبغى أن يقوم بها المواطن فى مجال حماية البيئة من التلوث.

وكشفت الدراسات السابقة أيضاً عن جهل نسبة كبيرة من أفراد الجمهور بالجهات الرسمية العاملة فى مجال البيئة فى مصر، ولا تعرف نسبة ملحوظة من أفراد الجمهور ما الذى ينبغى عمله فى حالة وجود تعديات على البيئة على مستوى الهواء والمياه والغذاء وغير ذلك من قضايا البيئة المتنوعة.

كما أن نسبة ملحوظة أيضاً من أفراد الجمهور لا تعرف بوجود قوانين منظمة للبيئة فى مصر. وفى ضوء هذه النتائج يصعب توقع تعاون الجمهور مع الجهات الرسمية العاملة فى مجال البيئة، إذا لم تتوافر المعرفة بها أصلاً.

لا تزال قضايا البيئة فى مصر هى قضايا رسمية، ولم ينجح الإعلام حتى الآن فى تحويلها إلى قضايا شعبية يهتم بها الرأى العام، وينخرط فى تفاصيلها، ويتطوع الجمهور فى أنشطة حمايتها من خلال تأسيس الجمعيات الأهلية والجهود التطوعية التى تحمى البيئة فى إطارها المحلى.

تربط العديد من الدراسات بين تواضع تأثير الإعلام فى مجال التوعية البيئية وافتقار الإعلاميين للتأهيل العلمى المتخصص فى شئون البيئة، وضعف مصادرهم المعرفية المتجددة عن المشكلات والقضايا البيئية، ويصعب فى ضوء نتائج هذه الدراسات إحداث طفرة فى أداء الإعلام البيئى فى مصر دون التأهيل والتدريب الجيد للقائمين بالاتصال فى مجال الإعلام البيئى، فكتابة الخبر الصحفى، وتقديم التقارير والتحقيقات البيئية، وبرامج الإذاعة والتليفزيون المتخصصة ترتبط بكفاءة القائم بالاتصال على مستوى مهارات الاتصال من ناحية، وعلى مستوى المعارف والثقافة البيئية من ناحية أخرى.

ثالثا: رؤية مستقبلية للنهوض بدور الإعلام فى تنمية الوعى البيئى.
 دمج قضايا البيئة في اهتمامات الرأى العام المصري:
ويرتبط الدور المنوط بالإعلام فى تنمية الوعى البيئى بقدرة وسائل الإعلام على دمج قضايا البيئة ضمن أولويات اهتمام الرأى العام، وتنمية المعارف بمشكلات البيئة، واذكاء النضج البيئى لدي الجمهور. كما يرتبط دور الإعلام بتنمية المشاركة الجماهيرية فى وضع وتنفيذ القرارات البيئية، وخلق روح المسئولية الجماعية تجاة حماية البيئه .

ويبدو فى ضوء ما تقدم أهمية الاجتهاد فى تقديم رؤية مستقبلية تسهم فى تطوير أداء الإعلام المصرى، تجاة قضايا التوعية البيئية من خلال المحاور الآتية :

 التوازن فى معالجة القضايا البيئية المختلفة :
تواجة مصر العديد من المشكلات والقضايا البيئية، وتتفاوت هذه المشكلات والقضايا فى درجة خطورتها وتأثيراتها السلبية على الصحة العامة، وإذا كانت وسائل الإعلام مطالبة بترتيب أجندة القضايا البيئية لدى الجمهور المصرى وفق أهميتها، إلاأنها فى ذات الوقت مطالبة بعدم تجاهل قضايا بيئية تتسم بمخاطر مستقبلية.

 الاهتمام بتحديد الفئات الجماهيرية المستهدفة بالتوعية البيئية :
تبدو أهمية التوازن مستقبلاً فى التوجة الإعلامى لمخاطبة الجمهور العام والنوعى فى ذات الوقت.

 تعدد المداخل الإقناعية فى صياغة رسائل التوعية البيئية :
- التركيز على الأضرار الصحية الناتجة عن التلوث.
- توضيح موقف الدين من السلوكيات البيئية الخاطئة.
- إبراز الخسائر المادية والاقتصادية للتدهور البيئى.
- إبراز الحسم فى تطبيق قانون البيئة على المخالفين.
- إبراز الخوف على مستقبل الأجيال القادمة، وحقهم فى بيئة سليمة.
- حق الجمهور فى اتخاذ المبادرات لحماية البيئة من التلوث.
- إبراز الجهود التطوعية والأنشطة الناجحة من جانب الأفراد .

 تطوير الأداء البرامجى على مستوى برامج الإذاعة و التليفزيون:
- توظيف المسابقات وبرامج المنوعات فى برامج البيئة.
- تطوير الإخراج الفنى بما يضمن الجذب الجماهيرى لهذه البرامج.
- التفاعل مع الجمهور Interactivity من خلال الوسائل التكنولوجية المتعددة مثل: البريد الإلكترونى، التليفون، الفاكس، رسائل SMS
- الإكثار من التنويهات الإذاعية والتليفزيونية .
- التركيز على الدراما بكافة أشكالها .
- تبسيط المعلومات البيئية وتقديمها بشكل يسهل فهمه .
- اختيار الأوقات الجيدة لعرض البرامج البيئية.
- التوازن فى الاستعانة بالمصادر الرسمية وغير الرسمية.
- التركيز على رسائل التوعية التى ترشد المواطنين إلى كيفية اتخاذ الإجراءات القانونية فى حال مشاهدتهم الاعتداءات على البيئة من جانب أفراد أو مؤسسات.

 تطوير الأداء الصحفى فى مجال التوعية البيئية :
- زيادة المساحات الصحفية المخصصة لمعالجة قضايا البيئة .
- زيادة الاهتمام بعناصر الإخراج الفنى للموضوعات البيئية.
- الاهتمام بتدريب وبناء قدرات محررى البيئة.
- تقديم سلسلة من التحقيقات الصحفية المتعمقة حول القضايا البيئية المختلفة بما يساعد على وضعها فى أجندة اهتمامات الرأى العام المصرى.
- تنمية أساليب تواصل محررى البيئة مع مصادر المعلومات الرسمية.
- تنمية أساليب تواصل محررى البيئة مع مصادر المعلومات البيئية.
- المصداقية فى معالجة القضايا البيئية ومصارحة الجمهور بأبعاد الوضع البيئى ومخاطره المستقبلية .
- التركيز على رسائل التوعية للجمهور التى ترشد سلوك المواطن فى التعامل القانونى السليم فى حالة وجود اعتداءات على البيئة .


 توظيف الانترنت فى مجال التوعية البيئية :
- تصميم صفحات متخصصة للتوعية البيئية على موقع جهاز شئون البيئة.
- بناء قاعدة معلومات متكاملة حول حجم المشكلات البيئية المختلفة.
- تجديد البيانات التى يقدمها موقع جهاز شئون البيئية بشكل مستمر.
- عرض الإحصائيات والأرقام التى تعكس معدلات التلوث بشفافية.
- تفعيل التواصل بين الجمهور وموقع جهاز شئون البيئة على الإنترنت.
- تقديم رسائل توعية للمتعاملين مع الشبكة.
- تطوير الإخراج الفنى لموقع جهاز شئون البيئة على شبكة الإنترنت.

الأخذ بنظام الحملات الإعلامية فى مجال التوعية البيئية :
يستهدف ذلك توظيف كافة وسائل الاتصال فى نفس التوقيت ولمدة زمنية معينة بغرض تنمية الوعى الجماهيرى بإحدى المشكلات البيئية، وذلك اعتمادا على الأسس العلمية فى تخطيط وتنفيذ الحملات الإعلامية .

 التقييم الدائم لمستوى الأداء فى مجال الإعلام والتوعية البيئية :
ويتم هذا التقييم من خلال عدة وسائل تشمل:
- مسح عينات من الجمهور المستخدم لوسائل الإعلام.
- مسح القائمين بالاتصال فى المجال البيئى.
- تحليل مضمون البرامج البيئية فى الراديو والتليفزيون والصحف.
- تحليل بيئة العمل بإدارات الإعلام والتوعية البيئية بجهاز شئون البيئة.

بكم نكتمل
المشاركة أفضل طرق التعلم
مع تحيات فريق عمل مدونة مستر إعلام
هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افضل 10 مواضيع