23‏/11‏/2015
الاثنين, نوفمبر 23, 2015

إدارة الصحف - المحاضرة الثالثة: مصادر تمويل المؤسسة الصحفية (الإيرادات) لدكتور محرز غالي

إدارة الصحف واقتصادياتها
المحاضرة الثالثة
لدكتور محرز غالي
الترم السادس

المحاضرة الثالثة
مصادر تمويل المؤسسة الصحفية (الإيرادات) 


دكتور محرز مدونة مستر اعلام
دكتور محرز غالي

أولاً: إيرادات تسويق المنتج الصحفي (الإيرادات التوزيعية)

ملحوظة: كتبنا عناصر المحاضرة فقط ويجب مطالعة المحاضرة كاملة من موقع المركز حفاظاً علي حقوق الملكية الفكرية

طالع كل محاضرات المادة بالضغط هنا


ويصبح جهاز التوزيع في المؤسسة الصحفية هو ببساطة حلقة الوصل بين المطبوعة والقارئ، أي بين الصحفي أو الناشر من جهة، وبين البائع والقارئ من جهة أخرى، وهو الذي يتولى توصيل المطبوعة إلى القارئ في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وبالكمية المناسبة، ولعل ضبط هذه المعادلة: (الوقت- المكان- الكمية) هي التي تحدد نجاح جهاز التوزيع في ترشيد انتشار المطبوعة في كل نقاط التوزيع.

ويصبح دور الإدارة هنا دوراً تنظيماً يرمي إلى إيجاد العناصر والإمكانيات الكفيلة بالقيام بالمهام السابقة في إطار السياسات التوزيعية التي هي جزء من السياسات الإدارية للمنشأة الصحفية: فهناك عمليات التسويق، والتوزيع عن طريق مكاتب ومتعهدين، والتوزيع الليلي والنهاري.. الخ، وكل هذه العمليات لا تخرج عن كونها منشطات للتوزيع لزيادة إيراداته.

وإذا كانت كلمة "التوزيع" تعد أكثر شيوعاً من كلمة "التسويق" في مجال العمل الصحفي على أرض الواقع، فإن مضمونها يجب أن يتطور ليصبح أكثر شمولاً لمهمة التوزيع التي لا تتوقف عند مجرد بيع الصحيفة إلى القارئ بل تتعداه إلى دراسة رغباته واحتياجاته وطرق التوزيع وسياساته ومشكلاته والاحتياجات ويحل هذه المشكلات، ومن ثم يحقق أرقاماً توزيعية مرتفعة أي إيرادات توزيعة مرتفعة. ونقصد بإيرادات التوزيع تلك المبلغ التي يحققها صافي حصة بيع النسخ الصادرة من الصحيفة أو المجلة للقراء، أي هي محصلة سعر البيع المحدد لكل نسخة يتحقق بيعها ويتم قبض ثمنها فعلاً وتوريدها لخزانة المؤسسة الصحفية، مخصوماً منه تكلفة التوزيع (من نسب لموزعي الصحيفة متعهدين وموزعين، وتكاليف توصيل الاشتراكات وغيرها)، بالإضافة إلى تكاليف توصيل الصحيفة إلى أماكن تواجد الجمهور المرتقب لشرائها، ويصبح:


إيراد النسخة الواحدة الموزعة على الصحيفة =  صافي حصيلة توزيع الصحيفة (4)  ÷ عدد النسخ الموزعة  

ولمزيد من الفهم والدراسة لهذا المصدر الرئيس من مصادر تمويل الصحف ينبغي التعرض لعدد من النقاط المهمة المرتبطة به على النحو التالي:
1) مفهوم تسويق الصحف وعلاقته "باستراتيجيات" التوزيع و"تكتيكاته":
إن جودة الإنتاج ووفرته لا تعني التحقيق الكامل لأهداف المنشأة، إذ من الضروري أن تكون هناك مجموعة من الأنشطة التي توجه تدفق السلعة من المنشأة إلى المستهلك، وبذلك تكون وظيفة التسويق هي وظيفة جلب الإيرادات لبدء دورة تشغيلية جديدة تحقق المزيد من الإيرادات والأرباح.

ولا يخرج مفهوم تسويق الصحف عن ما سبق شرحه، حيث تقوم المؤسسة الصحفية عن طريق إدارات التوزيع بها- بمجموعة من الوظائف التسويقية المختلفة التي تهدف إلى تحقيق وصول الصحيفة إلى قارئها المستهدف بما يتناسب مع إمكانياته المادية وبالسعر المناسب وبطرق ووسائل التوزيع الملائمة وبأساليب التنشيط والترويج المحفزة لجذب عدد أكبر من القراء للحصول عليها.

ويمكن حصر الوظائف التسويقية التي يقوم بها جهاز التوزيع في المؤسسة الصحفية فيما يلي:
- وظيفة البيع: وتشمل نشاط مندوبي ومفتشي البيع والعاملين بالمناطق الفرعية، ونشاط قسم الاشتراكات وكذلك نشاط الائتمان والتحصيل.

- وظيفة الإعلان وترويج المبيعات: سواء في وسائل النشر المختلفة أو إعداد اللافتات على الأكشاك، وكذلك إصدار الأعداد الممتازة والمسابقات وغيرها.

- وظيفة بحوث التسويق: وتشمل جمع وتسجيل وتحليل البيانات المتعلقة بمشاكل انسياب الصحف من المؤسسة الصحفية إلى يد القارئ.

- وظيفة النقل: أي نشاط نقل الصحيفة من مطابع المؤسسة إلى الأسواق المختلفة، وكذلك نقل المرتجعات إلى المؤسسة الصحفية.

- وظيفة التخزين: وتتضمن تسلم الصحف المرتجعة وفرزها وشحنها للمخزن الرئيسي وكذلك ما يقوم به المخزن الرئيس من عمليات تسلم وفرز الصحف المرتجعة.

- وظيفة اللف والحزم
: وتشمل عملية إعداد الصحف لنقلها إلى أسواق التوزيع في شكل "ربط" حسب نوع الصحيفة وعدد صفحاتها.


ونظراً لنمو المؤسسات الصحفية واتساع دوائر أنشطتها حتى أصبحت كيانات اقتصادية ضخمة يصدر عنها أكثر من مطبوعة إلى جانب امتداد هذا النشاط إلى السوق الخارجي بجانب الأسواق المحلية، ارتبطت الوظائف السابقة لجهاز التوزيع في المؤسسات الصحفية بمفاهيم التخطيط والاستراتيجية والتكتيك التي تهدف أصلاً للحصول على أكبر قدر من مجمع المشترين يتناسب حده الأدنى مع مستوى الصحيفة مقيساً بمستوى منافسيها ، ثم الإستئثار بأكبر قدر من أيه زيادة تتحقق في مجموع المشترين؛ ونظراً لأن استراتيجية التوزيع هي الخطة طويلة المدى التي توضع بعد الوقوف على السياسة التحريرية والخطة الإعلانية والخطة الإدارية (وأهم عنصر فيها الورق) فتندرج تحتها العناصر التالية:

- مسح شامل للمناطق التوزيعية ووضع خريطة توضح شبكة المواصلات وشبكة البائعين الرئيسيين ونقاط لبيع.

- التعرف على رغبات القراء والمشترين وميولهم عن طريق الاستقصاءات.

- توطيد العلاقة بين الصحيفة وبين جمهور القراء في المدى الطويل عن طريق إعداد الحملات الدعائية وتقديم الهدايا في المناسبات مثل تخفيض سعر الاشتراك، المسابقات وغيرها.

- مدى قدرة المنشأة الصحفية لأن يكون لها جهاز توزيع مستقل.

ويندرج تحت مفهوم "التكتيك التوزيعي" العمل اليومي لجهاز التوزيع الذي يبدأ بالتعرف على اتجاهات المبيعات، وتقدير الكميات المناسبة قبل نزولها إلى السوق، والتعرف على إجمالي الكمية المطبوعة وكيفية توزيعها على المناطق والفروع التوزيعية المختلفة وحتى مستوى العملاء... ويتم ذلك من خلال بيانات معدة سابقاً عن الموزع أو موزعات مماثلة.

كما أن نظام البيانات الإحصائي
الذي يعد لكل مطبوعة على مستوى نقاط البيع شاملاً الكمية الموزعة والكمية المرتجعة وتحليل نتائج مبيعات كل نقطة بيع للأعداد المتتالية يمكن استخدامها في توزيع الأعداد اللاحقة للمطبوعة. يلي ذلك توصيل الصحيفة إلى نقاط البيع بالكميات وفي المواعيد المناسبة وبالعرض الجيد، مع قيام إدارة التوزيع بعمليات متابعة السوق لضبط الطلب مع الكمية المعروضة بنقاط البيع من خلال تحريك الكميات الزائدة من نقطة بيع إلى نقطة بيع أخرى داخل المنطقة أو المدينة الواحدة، وهو ما يطلق عليه اصطلاح "ترقيع السوق" ثم تأتي بعد ذلك عمليات جمع المرتجعات وتحصيل أثمان الكميات المباعة.


2) سعر بيع المطبوعة وعلاقته بإيرادات التوزيع المتحققة:
يعلب سعر بيع المطبوعة دوراً حاسماً في حجم الإيرادات التوزيعية المتحققة لهذه المطبوعة بالتوازي مع ما تحققه من أرقام توزيعية في الوقت نفسه ونظراً لهذه الأهمية نسوق الملاحظات التالية:
- يكاد يتفق العاملون في الحقل الصحفي تحريراً وإنتاجاً وإدارة- على أن السعر الذي يباع به المنتج الصحفي ويدفعه القارئ ثمناً للأخبار والتعليقات والصور والآراء والورق وغيرها الذي تحمله له جريدته أو مجلته ليس ثمناً اقتصادياً على الإطلاق أي أنه لا يغطي تكلفة الإصدار أو الاستمرار لأداء الرسالة الإعلامية.

- تختلف السياسات المتبعة في تحديد أسعار بيع المطبوعات الصحفية في دول العالم المختلفة حيث تقترب وتبتعد بين إطلاق الحرية التامة لمنتج الصحيفة في ممارسة هذا الدور، وبين التقييد أو الالتزام الواقع على هذا المنتج بألا يتعدى سعراً معيناً لكل نمط من مطبوعاته.

- عند التصدي لتقدير سعر بيع مطبوعة، يصبح من المهم بمكان الأخذ في الاعتبار مجموعة المتغيرات التالية: طبيعة المضمون الذي تقدمه هذه المطبوعة ويعكس رؤيتها للرسالة الإعلامية تجاه المجتمع.
الكمية المنتجة أو أرقام المطبوعة منها.
مكان الإنتاج أو الطبع وطريقته.
مدى انتشار الصحيفة والأرقام التوزيعية التي تحققها.
عدد صفحات المطبوعة.
بيانات التكاليف في صناعة المطبوعة خاصة سعر الورق باعتباره المكون الرئيسي في هذه التكاليف.
الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بالقدرات الشرائية للفقراء المستهدفين.
درجة المنافسة التي تعمل في ظلها المطبوعة.

ولا تتوافر حتى اليوم قائمة محددة تضم مجموعة المتغيرات "الاقتصادية" الأساسية التي تحكم عملية تقدير سعر بيع مطبوعة صحفية ما في ارض الواقع، ولا تلك التي يجب أن تحكم ذلك الأمر الهام الذي يجب أن يبنى على دراسات علمية وموضوعية وواقعية متنوعة للسوق والمستهلك والمنافسين.

وأكد قانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة والتي تعمل الصحافة المصرية في ظله الآن –أن من اختصاص المجلس الأعلى للصحافة "تحديد أسعار الصحف" وإن كان لم يتحقق من ذلك سوى تحديد أسعار الصحف القومية اليومية، أما المجلات فلم يقم المجلس بتحديد أسعارها في بداية نشأته، ثم اختلفت أسعار المجلات ودون مراجعة المجلس في ذلك. وتتفاوت أسعار بيع الصحف الحزبية والمستقلة والخاصة فيما بينها من جانب، وبينها وبين الصحف القومية من جانب آخر.

ويشير الواقع إلى أن سياسة تسعير المطبوعات في مصر لا تخضع –في كثير من الأحيان- لاعتبارات علمية وموضوعية مبنية على دراسات وبيانات إحصائية لمجموعة المتغيرات السابق الإشارة إليها، وإن كانت الزيادات التي تحدث في تكلفة إصدار الصحيفة والارتفاع المستمر في ثمن ورق الصحف بوجه خاصة وباقي مستلزمات الإنتاج كالأحماض والأحبار والمواد الخام بالإضافة إلى الزيادات في أسعار تدبير العملات الأجنبية من السوق المصرفية واللازمة لاستيراد هذه المستلزمات هي المتغير الأساسي والحاكم لهذه السياسات. كذلك قد تساهم بعض أزمات المجتمع غير ذات الصلة بالعمل الصحفي في توجيه هذه السياسة.

وفي الواقع فإن أي زيادة في سعر بيع المطبوعة خصوصاً اليوميات منها يحقق معه غالباً انخفاضاً في أرقام التوزيع، وإن اختلف حجم هذا الانخفاض أو مدته واستمراريته، ويقرر ذلك عدة متغيرات منها: ظروف المنافسة أو الاحتكار الذي تعمل في ظله الصحيفة، ومدى توافر أو عدم توافر وسائل إعلامية معوضة، ردود أفعال المشترين ومدى ارتباطهم وولائهم للصحيفة، والبيئة الاقتصادية التي توزع فيها الصحيفة، ويرى البعض أن ثمة علاقة بين طبيعة الصحيفة والمضمون الذي تقدمه وحدوث هذا التأثير وحجمه، ففي رأي هذا الفريق أن هناك فئتين من الصحف هي التي يصبح في مقدورها أن تعيش وتستمر دون تأثر واضح في ظل الزيادات في سعر بيعها- وهما:
الصحف اليومية التي تتمتع بإخلاص وولاء وتمسك طبقة اجتماعية معينة من القراء (كالصحف الحزبية والعقائدية والدينية) أو برسوخ محلي في نطاق توزيعها (كالصحف الإقليمية أو المحلية)
الصحف التي تتمتع بكم هائل من النسخ التي يتم طبعها، ومن ثم تكتسح أمامها الصحف اليومية الضعيفة المنافسة لها في سوق توزيعها.

وقدرت بعض الدراسات الأجنبية أن نسبة الفاقد في عدد القراء أي في أرقام التوزيع على اثر كل زيادة سعرية في عدد القراء أي في أرقام التوزيع على اثر كل زيادة سعرية للمطبوعة يتراوح ما بين 5: 10 أخذاً في الاعتبار المتغيرات السابق الإشارة إليها.



3) المؤشرات الأساسية لاتجاه أرقام توزيع الصحف محلياً وعالمياً وعلاقته بإيرادات التوزيع:
تتأثر أرقام التوزيع التي تحققها المطبوعة –زيادة ونقصاً- بالعديد من العوامل نذكر منها:

العوامل الاقتصادية وتشمل:
- المستوى الاقتصادي للقراء حيث ترتبط زيادة عدد النسخ المبيعة بارتفاع مستوى معيشة هؤلاء القراء.

- الأزمات الاقتصادية حيث تنخفض أرقام التوزيع في هذه الأوقات بشكل ملحوظ.
العوامل السياسية والاجتماعية وتشمل:
- التحول الاجتماعي لمجتمع الصحيفة حيث تتأثر الصحيفة بالخصائص الاجتماعية للوسط الذي تنتشر فيه من حيث درجة الثقافة ونسبة التعليم ونضج المواطنين.

- الأحداث السياسية والاجتماعية والرياضية حيث من الملاحظ أن أرقام توزيع الصحف تزداد في بعض المناسبات في حين أن هدوء الحياة السياسية الداخلية والخارجية يقلل من توزيع هذه الصحف. 

العوامل الجغرافية:
كبعد المسافات وتغير الأحوال الجوية مما يقلل من فرص النجاح في توزيع الصحف. 

العوامل الفنية: وتعتبر من أهم العوامل التي تساعد على زيادة رقم التوزيع وتشمل: التحرير الجيد- الطباعة الجيدة- التجديد والابتكار المستمر. 

العوامل التسويقية ومن أهمها: التبكير في الطبع والتوزيع، بحيث تصل الصحيفة إلى القارئ في الوقت الذي اعتاده، والاهتمام بأساليب تنشيط المبيعات.

ويضيف د. محمد سيد في مؤلفه "اقتصاديات الإعلام" إلى هذه العوامل عوامل أخرى لا تقل أهمية منها أن إعلان الصحف عن أرقام توزيعها من شأنه أن يؤكد أنها أكثر رواجاً من غيرها ويعمل على زيادة توزيعها في حين أن المنافسة الصحفية والإعلامية سواء بصدور صحف منافسة جديدة أو إدخال تجديدات وتحسينات على صحف قائمة من شأنها أن تقلل من توزيع الصحف الأخرى حيث تجذب قراء من الصحف القائمة، ويمكننا أن نضيف إلى هذه العوامل مسالة "الرقابة" باعتبارها قد تمثل عقبة أكثر صعوبة تؤثر على أرقام التوزيع التي تحققها مطبوعة ما. فإذا اشتدت وطأة الرقابة على هذه المطبوعة وحرمتها الوجود المنتظم في السوق قضت على توزيعها في هذه السوق.

وفي مصر ومع غياب البيانات الكاملة والحديثة والموثقة عن السوق التوزيعية للصحافة المصرية بشكل عامل ولكل فئة منها على وجه الخصوص، يصبح من الصعب تقديم الملامح التطورية التي تتسم بها هذه السوق من خلال أفق زمني معين، ومع ذلك –ومن خلال ما توافر من أرقام حول هذا الموضوع يمكننا الخروج بمؤشرات عامة لمعدلات توزيع الصحافة المصرية خلال الثلاثين عاماً الماضية على النحو التالي:

يذكر إبراهيم نافع رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام في حديث له عام 1990 أن حجم توزيع الصحف المصرية بالقياس إلى تعداد السكان في المجتمع المصري مازال دون المستوى، إذ أن الصحف توزع ما يقرب من 2.5 مليون نسخة لمجتمع يصل تعداد سكانه 55 مليون نسمة –آنذاك-، تؤكد ذلك دراسة عليمة تشير إلى أن معدل توزيع الصحف الصباحية الثلاث الأهرام والأخبار والجمهورية يعتبر ضئيلاً جداً بالنسبة لعدد السكان، فقد بلغت نسبة من يشترون الصحف الصباحية الثلاث السابقة 1.6% من عدد السكان في عام 1969.

والملاحظ أن هذه الأرقام أرقام متواضعة بشكل عام تضع مصر بالنسبة لميدان الإعلام المكتوب المطبوع في موقع أدنى مما ينبغي لها إذا قورن بظواهر أخرى في المجتمع شهدت تطوراً واسعاً مثل ارتفاع معدلات التعليم وزيادة حجم المعرفة واتساع عمليات التحضر وتحسين مستويات المعيشة والحرية النسبية في المناقشات، حيث لم يصاحب ذلك تطور أو نمو مماثل لمعدلات استهلاك المصريين للصحافة المكتوبة بشكل عام. وتتأكد هذه الملاحظة أيضاً في المنافسة التي تواجهها الصحف الكبرى في مصر من جانب ما يعرف بالصحف المستقلة الشعبية التي قفز توزيع بعضها إلى ما يزيد على توزيع بعض الصحف اليومية الكبرى التي أقدمت هي الأخرى على إضافة صفحات تجتذب بها اهتمامات القراء الجدد، وليس أدل على ذلك من النمو في مساحة الصحافة الرياضية والفنية في الإعلام الطباعي المصري والعربي عموماً.

وتعيش المجلات المصرية أزمة حقيقية في تدني أرقام توزيعها وتناقص معدلات هذه الأرقام خاصة مع التزايد المستمر في أسعار بيعها.

وبصفة عامة، يمكننا أن نعرض لأهم خصائص توزيع الصحف في مصر حيث إن هناك قواعد عامة حينما وضعها الإداريون في المؤسسات الصحفية موضع التجربة والملاحظة وجدوا أنها صحيحة إلى حد بعيد، وأن السياسات الإدارية الخاصة بالتوزيع لا تستطيع أن تتجاهلها ومن أهم هذه الخصائص أو القواعد العامة ما يلي:

- اعتماد توزيع النسبة الأكبر من الصحف المصرية الصباحية على المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية وعواصم المحافظات.

- عدم ولاء قراء الصحيفة المصرية لها بما يؤثر على رقم توزيعها من يوم لآخر.

- عدم إقبال القراء على الاشتراكات، ومعظم هذه الاشتراكات للهيئات الحكومية والشركات وعدد قليل من الأفراد.

- تؤثر ظاهرة "الاقراء" على أرقام توزيع الصحف المصرية خاصة في الأقاليم، حيث يلجأ أعداد من القراء يساعدهم في ذلك بعض صغار بائعي الصحف إلى قراءة عدد من الصحف وإعادتها إلى البائع ثانية مقابل أجر معين يتقاضاه البائع ثم تعاد النسخ إلى الصحيفة باعتبارها من المرتجعات.

- تقوم إدارات التوزيع في بعض المؤسسات الصحفية المصرية الكبرى بتسويق صحف مؤسسات أخرى ليس لديها إمكانياتها في أسطول السيارات أو شبكة المفتشين والمراجعين.

وعلى ضوء ذلك تتعاظم أهمية إدخال وسائل اصطناعية لتنشيط حركة التوزيع الصحفي المصري، ولعل دراسة تجارب بعض الصحف المصرية في هذا المجال يقدم أمثلة لهذه الوسائل.

ومع ذلك، فإن الممارسات الإدارية في المؤسسات الصحفية المصرية تساهم في زيادة وطأة محدودية التوزيع الصحفي بتمسكها بإخفاء أرقام التوزيع لكل مطبوعة صحفية تصدر على الأرض المصرية واعتبارها سراً لا يجب البوح به، وكذلك أرقام المرتجعات مما يعيق إمكانية إجراء الدراسات المقارنة زمنياً وموضوعياً لمنحنى الطلب على المنتج الصحفي بمختلف فئاته والعوامل المؤثرة فيه.

وقد شهدت الصحافة المصرية في تاريخها المعاصر بعض الاجتهادات في هذا الشأن، حيث كان للدكتور السيد أبو النجا المبادرة في نشر شهادات التوزيع للصحف التي عمل بها مديراً في جريدة المصري حتى توقفها عام 1954، ثم في صحف أخبار اليوم، كذلك تقوم جريدة الأهرام بنشر أرقام التوزيع لكل صحيفة في كتيب قوائم أسعار الإعلانات لإصدارات الأهرام سنوياً والموجه إلى المعلنين أساساً.



ويذكر د. صليب بطرس خبير الإدارة الصحفية أننا نعيش في هذا الميدان متأخرين جداً عما هو معمول به في العالم المتقدم، وإنه قد لاحت للصحافة المصرية فرصتان كان من الممكن من خلالهما تجميع أرقام التوزيع من الصحف المصرية، الأولى في أوائل الأربيعنيات حيث كان يقوم مكتب واحد بمراجعة حسابات وميزانيات الدور الصحفية، وإصدار شهادات بأرقام التوزيع، والثانية في عهد ملكية المؤسسات الصحفية للاتحاد الاشتراكي، كان من الممكن تجميع أرقام التوزيع لو مارس المالك حقه في الملكية ومارس حقه في رسم السياسات والتخطيط والمتابعة والمراجعة ومساءلة مجالس الإدارات عن نتائج الإدارة، ولعل في تبعية الصحافة لمجلس الشورى وفي ظل اختصاصات المجلس الأعلى للصحافة بشان تطوير المهنة فرصة جديدة لتجميع أرقام توزيع الصحافة المصرية عن طريق إنشاء مكاتب لا ربحية متخصصة على غرار ما هو موجود في صحافة العالم مثل مكاتب التحقق من الانتشار ABC المنتشرة في دول العالم المختلفة.

بكم نكتمل
المشاركة أفضل طرق التعلم
فريق عمل مدونة مستر إعلام
هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افضل 10 مواضيع