1‏/11‏/2015
الأحد, نوفمبر 01, 2015

ترم سابع .. الأفلام الوثائقية والبرامج التسجيلية .. المحاضرة الثانية

الاتجاهات الفنية المختلفة للفيلم التسجيلي

Û  تمهيد :
تتمثل الاتجاهات الفنية للفيلم التسجيلي في أربعة اتجاهات فنية هي : الاتجاه الرومانسي , والاتجاه الواقعي , والاتجاه السيمفوني, وسينما الحقيقة , ويعكس كل اتجاه مدرسة مختلفة من حيث اختيار المضمون يفرض شكلا معيناً ، كما أن خصائص الجمهور المستهدف تشكل عنصراً مهماً في اختيار الشكل الملائم ، وكل اتجاه من هذه الاتجاهات الأربعة يعكس مساهمة المدارس المختلفة في الحركة التسجيلية علي مستوي العالم .
فقد حاول فنانو السينما الاستفادة من التجارب التي قام بها الطليعيون في أوروبا في عشرينيات القرن العشرين في مجال الفنون من أجل استخلاص أشكال جديدة ونظريات في عالم الجمال ، فقام بعض السينمائيين الشبان في كل من برلين وباريس وغيرها من مدن أوروبا بعمل تجارب للاستفادة من انسيابية الصورة السينمائية ، و قاموا بإنتاج مجموعة من الأفلام التسجيلية تعالج بأسلوب واقعي مظاهر الحياة في المدن والريف الأوروبي معتمدة علي عقد مقارنة بين الإيجابيات والسلبيات ، وتصوير الحركات الإيقاعية للآلات الحديثة ، وكانت هذه الأفلام الطليعية تعرض في جمعيات الفيلم التي بدأت تنتشر في الدول الأوروبية ، ونتج عن هذه المحاولات الجادة مجموعة من الأفلام تختلف فيما بينما من حيث الشكل والمضمون ، وبالتالي نتج عن هذه المحاولات ما يمثل الاتجاهات الفنية المختلفة للفيلم التسجيلي التي يمكن علي أساسها تصنيف هذه الأفلام من حيث المضمون والشكل الفني وأسلوب المعالجة و الإخراج ،
 و يمكن حصر هذه الاتجاهات الفنية فيما يلي :
1) الاتجاه الرومانسي أو الاتجاه الرومانتيكي الطبيعي :
يعتمد هذا الاتجاه علي الاهتمام بحياة الفرد بشكل يتميز بحرية التعبير وتلقائيته ، حيث تخلق مشاهدة الأفلام التي تنتمي لهذا الاتجاه الفني إحساساً غنائياً عاطفياً لدي المشاهد، حيث تتميز الرومانسية بالنزعة الفردية الرافضة التي تنعي البراءة التي يفتقدها الإنسان مع تقدم الحياة الصناعية ، كما أنها تضفي مغزى رفيع علي الأشياء المألوفة ، وتعطي مظهر مبهر للحياة الإنسانية ، وتتسامي بالمشاهد عن الحياة اليومية المعتادة و تدفعه إلي اكتشاف حياته بحساسية أكبر.
وسمي الاتجاه الرومانسي بالاتجاه الرومانتيكي الطبيعي لتركيزه وتمجيده الواضح للطبيعة، و اهتمامه بعلاقة الإنسان بالبيئة ، حيث تستخدم الأفلام في هذا الاتجاه المظاهر الطبيعية والجغرافية في نطاقها الطبيعي لتمجد الجمال في هذه المظاهر ، وتكون قصة أو موضوع الفيلم نابعاً من المكان  ذاته ومن المواقف والشخصيات الحقيقية .
وظهر الاتجاه الرومانسى أولاً فى أمريكا، لذا يطلق عليه البعض الإتجاه الرومانتيكى الأمريكى، إلا أن العقلية الأمريكية رفضت هذا الاتجاه في البداية نتيجة لاعتماد إنتاج هوليود الضخم علي الديكورات والاستوديوهات و السيطرة الكاملة علي عوامل الجو والمناخ و الزمن ...، ولم يخرج عن هذه الجبهة الرافضة في البداية سوي المخرج السينمائي " جريفيث " عندما أخرج فيلمه " الطريق إلي الشرق سنة 1920"  معتمداً كلياً علي التصوير في أماكن الأحداث الحقيقية ، ثم تحول الأمر ، وأصبحت حركة الفيلم غير الروائي في أمريكا نشطة و إيجابية في عرض كل مظاهر الطبيعة في جميع أنحاء أمريكا ودول أوروبا كلها .
أما الريادة الحقيقية والبداية المحددة للاتجاه الرومانتيكي الطبيعي فترجع إلى المخرج روبرت فلاهرتي الذي يعد الأب الشرعي لهذا الاتجاه، وقام فلاهرتي بتصوير كل أفلامه في المواقع الأصلية للأحداث ، وكانت أفكار وموضوعات أفلامه تنبثق من النشاط اليومى للمجتمع الإنساني في بيئة جديدة على المشاهد غير مألوفة له، ويقوم بتسجيلها من وجهة نظر خلاقة، ولم يكن فلاهرتي يعتمد على سيناريو تفصيلي معد قبل خروجه للتصوير، بينما كان يتم كتابة السيناريو الفعلي للفيلم في حجرة المونتاج ليقدم رؤيته الخاصة للمشاهدين والتي كانت تحمل دائماً مغزى سياسي اجتماعي.
ويعتبر فيلم "نانوك رجل الشمال" سنة 1923 من أعظم أفلام فلاهرتي وأشهرها، بل يعد من أشهر أفلام الاتجاه الرومانتيكي الأمريكي، حيث يصور الفيلم صراع إنسان منطقة القطب الشمالي مع الطبيعة القاسية من خلال عرض حياة أسرة من الاسكيمو.
وكان أسلوب فلاهرتي في تنفيذ أفلامه يؤكد أسس الاتجاه الرومانسي التي تتمثل في:
1-            أهمية معايشة المخرج للموضوع الذي يسجله لضمان تحقيق المعرفة الكاملة والمتعمقة والفهم العميق لكل جوانب الموضوع الذي يعالجه.
2-            أهمية أن ينبع موضوع الفيلم من المكان الحقيقي بأشخاصه وأحداثه الحقيقية دون إضافات أو تعديلات من مخرج الفيلم.
ولم يقتصر الاتجاه الرومانسي على نظرة فلاهرتي للطبيعة، وإنما قدم المخرجون السويديون مجموعة من الأفلام التي تعتمد اعتماد كلي على الطبيعة، ثم جاءت أفلام والت ديزني التي سجلت لحياة الإنسان والحيوان معاً بشكل جذاب.
ويعتبر الاتجاه الرومانسي واحداً من أقوى الروافد الأولى في مجال الفيلم التسجيلي وأكثرها استجابة وشعبية من قبل المشاهدين وخاصة في أوروبا وأمريكا.
2) الاتجاه الواقعي:
الواقعية في الفن تهتم أساساً بتصوير العلاقات الاجتماعية والقوى التي تتحكم في الناس والروابط والمصالح المشتركة بينهم، ويستمد الاتجاه الواقعي مادته الفيلمية من الواقع المباشر للبيئات المختلفة لحياة المدن والقرى والمصانع.. إلى غير ذلك من مناطق التجمعات، في محاولة لإبراز ما يكمن تحت السطح، وإلقاء الضوء على الأسباب والمسببات.
وبرز الاتجاه الواقعي في مجال الفيلم التسجيلي بظهور الفيلم الفرنسي "لا شيء غير الزمن" عام 1926 للمخرج "ألبرتو كافلكانتي"، والذي يعتبر أول فيلم عن حياة العاصمة الفرنسية باريس، كما يعتبر أول محاولة للتعبير عن حياة مدينة بشكل خلاق على الشاشة، ومن هنا تنبع أهمية هذا الفيلم الذي كان له أثر بعيد وعميق إذ سار على منواله كثيرون وراحت سيمفونيات مدن العالم تظهر واحدة تلو الأخرى، وذلك بالرغم من بعض العيوب أو السلبيات التي اتسم بها هذا الفيلم ومن أهمها: أنه جاء فجأة وخالياً من النعومة نتيجة لأسلوب وتقنيات المونتاج في ذلك الوقت، كما فشل كافلكانتي (رائد الاتجاه الواقعي) في تقديم وجهة نظر اجتماعية للاتجاه الواقعي نتيجة لعدم استطاعته التعبير بشكل عميق عن متناقضات المدينة، وبالرغم من ذلك يبقى فيلم "لا شيء غير الزمن" محاولة جيدة –في ذلك الوقت- لتقديم الأشياء البسيطة في البيئة المألوفة المحيطة بالإنسان العادي كمادة درامية واقعية تستحق الاهتمام، وكان لهذا الفيلم أثره لا في مجال السينما الفرنسية فحسب، بل امتد إلى السينما الألمانية، حيث كان له الفضل في تحولها عن الاتجاه التجريدي وعودتها إلى أرض الواقع.
وحاول كافلكانتي من خلال فيلمه أن يبرهن على إمكانية تصوير الواقع الذي يحيط بالإنسان (حيث يصور الفيلم الحياة في مدينة باريس خلال يوم كامل معتمداً على الشخصيات الحقيقية في مواقف عديدة)، متعارضاً بذلك مع الاتجاه الرومانسي الذي يقوم على تصوير الأماكن النائية الغريبة، ويصور الإنسان في مواجهة الطبيعة القاسية غير المألوفة للأغلبية، ولذا يمكن القول أنه بظهور الاتجاه الواقعي أمكن تصوير الإنسان ومشكلاته في مواجهة الحياة اليومية وجنون المدينة بتناقضاتها العديدة، فالاتجاه الواقعي يمثل أنقى درجات الواقعية في مجال الفيلم التسجيلي.
ولقد أخذ الاتجاه الواقعي في الانتشار داخل دول أوروبا في الثلاثينيات من القرن العشرين، ونذكر من أهم أفلام هذا الاتجاه فيلم "فيما يختص بمدينة نيس" سنة 1930 لجان فيجو، والذي بدأ كدراسة سينمائية لطبيعة مجتمع مدينة نيس الفرنسية والتناقض الواضح بين طبقاته الغنية والفقيرة، وأطلق فيجو على أسلوبه في تقديم فيلمه "وجهة النظر التسجيلية"، وبصفة عامة كانت أفلام الاتجاه الواقعي تحمل وجهة نظر اجتماعية في بلدان العالم، ودارت معظمها حول مهاجمة الاستغلال والدفاع عن حقوق الفئات المطحونة والكادحة في الحياة.
3)الاتجاه السيمفوني:
تتمثل فلسفة الاتجاه السيمفوني في النظر إلى السينما كفن الموسيقى من حيث اعتماد كل منهما على عنصر الحركة، حيث يعبر عن عنصر الحركة في الموسيقى بأنه حركة الصوت في الزمان، بينما الحركة في السينما هي حركة الضوء في الزمان والمكان، حيث يهدف الاتجاه السيمفوني إلى تقديم مشاهد الفيلم في توالي حركي شبيه بحركات السيمفونية الموسيقية، مما يتطلب من مخرج الفيلم ومصوره ذوقاً فنيا عالياً وحساً تصويرياً مرهفاً يعتمد على استخدام الإيقاعات متغيرة السرعة والمؤثرات الخاصة طوال الفيلم، مستغلاً في ذلك حركة المجاميع والكتل في خلق الإيقاع الحركي وإيجاده داخل البناء الفيلمي.
ونشأ الاتجاه السيمفوني قبل الحرب العالمية في فرنسا متأثراً بوصف أبيل جونس للسينما بأنها "موسيقى الضوء"، ثم ساهمت المخرجة الفرنسية جيرمين دولاك في أواخر العشرينيات في بلورة فكرة "السينما الخالصة"، حيث أكدت أن هناك شيء مشترك بين السينما والموسيقى، ففي كلتيهما توجد الحركة من خلال الإيقاع حيث تتم إثارة العواطف في النفوس.
ثم برز بعد ذلك الاتجاه السيمفوني كأسلوب فني تدور أفلامه حول قصص المدن والتجمعات الإنسانية العالمية والمهنية، ومن أبرز الأفلام التي تمثل هذا الاتجاه فيلم "برلين سيمفونية مدينة عظيمة" سنة 1917 للمخرج الألماني والتر روثان، الذي استوحى موضوع فيلمه من فيلم "لا شيء غير الزمن" للمخرج الفرنسي كافلكانتي، حيث يصور الفيلم قصة يوم كامل من أيام مدينة برلين وحركة العمال والمواصلات بها، مع إلقاء الضوء على التفاوت الكبير بين طبقة الفقراء وطبقة الأغنياء، وذلك في إطار خلق حركة عامة من خلال مجموعة اللقطات المتفرقة للحركة داخل المدينة، ويمثل هذا الفيلم إلى حد ما العدول عن الاتجاه الرومانسي الذي كان قد أخذ في الانتشار إلى معالجة واقع الحياة المألوفة بأسلوب فني خاص يضفي على المشاهد إحساساً معيناً أقرب ما يكون إلى الاستمتاع بسماع السيمفونيات الموسيقية، ولقد استفاد روثمان مخرج هذا الفيلم من أساليب المونتاج السوفيتية، حيث اعتمد على التقطيع سريع الإيقاع لتحقيق التأثير السيمفوني لدى المتلقي.
4)سينما الحقيقة:
تبلور اتجاه سينما الحقيقة سنة 1922 بأفلام المخرج الروسي ديزيجا فيرتوف، وذلك في شكل جريدة سينمائية بعنوان ثابت "كينو برافدا"، وكانت أعداد تلك الجريدة تتناول ما يجري من تغيير في المجتمع السوفيتي والكشف عن أوجه التقدم فيه باستخدام الكاميرا كوسيلة للبحث فيما يتم تسميته "بالفوضى المرئية" للعالم ثم إعادة تنظيمها وتقديمها للمشاهد.
وكان الاعتماد على المونتاج في إعداد الجريدة وإثراء المادة المصورة بإضافة أبعاد جديدة لها واضحة خلال كل أعدادها، ثم أخذ اتجاه سينما الحقيقة في التبلور في أفلام فيرتوف نفسه ومنها فيلم "الخط السوفيتي" سنة 1926 الذي عرض فيه لقصة موسكو السوفيتية، واستخدم فيه فيرتوف أسلوب "الكاميرا المختفية" ليحصل على مشاهد غير مزيفة.
ويعتبر فيلم "الرجل والكاميرا" سنة 1929 من أهم أعمال فيرتوف، وهو دراسة لإمكانية الكاميرا، واستخدم فيه أسلوب المونتاج الإيقاعي وحركة الكاميرا بأنواعها واختلاف سرعاتها، والبطل الحقيقي في هذا الفيلم هو الكاميرا.
وفي أوائل الستينيات ظهر في فرنسا اتجاه أطلق عليه "سينما الحقيقة" بقيادة المخرجين جان روش وجان لوك جودار، وكان هدفهما اكتشاف العالم وتوسيع نطاق الواقع الممكن تصويره، وقد ساعد على تطوير هذا الاتجاه وسرعة انتشاره اكتشاف الكاميرا السينمائية 16مم، التي تتميز بخفة الوزن وسهولة الحمل وإمكانية تسجيلها لعنصري الصورة والصوت معاً،
 وبذلك وفرت هذه الكاميرات ميزتين أساسيتين في مجال استخدام السينما في الإعلام والأخبار هما:
1-  تسجيل الحدث في تلقائية دون أي تدخل في صياغته.
2-      الوجود في قلب الحدث وإمكانية تسجيل أدق تفاصيله بالصوت والصورة.
وفي أواخر الستينيات ظهر في أمريكا اتجاه أطلق عليه "السينما المباشرة" على يد المخرج ألبرت مايسلز متأثراً بالتصوير الصحفي الفوتوغرافي وراجعاً جذوره إلى اتجاه سينما الحقيقة في الاتحاد السوفيتي، وإن ميز الأسلوب الأمريكي عدم استخدامه لأسلوب التعليق والمونتاج التقليدي وعدم اعتماده على سيناريو سابق الإعداد قبل التصوير، لأن الهدف كان التقاط ما يحدث بالفعل وتقديمه دون تزييف أو تدخل خارجي، ولقد ساعد التقدم الكبير لتكنولوجيا آلات التصوير السينمائي وتحسين خامات الأفلام وإمكانياتها على تمكين مخرجي هذا الاتجاه من عمل مجموعة أفلام على درجة كبيرة من الصدق والمباشرة.
ويعتبر فيلم "لا تنظر إلى الخلف" سنة 1966 للمخرج بنبيكر من أهم الأفلام الأولى الممثلة لهذا الاتجاه، ثم أخذت أفلام هذا الاتجاه في الانتشار، ونذكر من الأفلام التي تمثل هذا الاتجاه ونالت شهرة عالمية فيلم "حماقات القطط الصغيرة" سنة 1967 للمخرج فريدريك وايزمان الذي جعل من فيلمه دراسة عميقة لما يدور داخل إحدى مستشفيات الأمراض العقلية، كما تعتبر الجرائد السينمائية أحد الأشكال التسجيلية الممثلة لسينما الحقيقة.
5)أشكال الإنتاج التسجيلي وخطوات إنتاجه:
وقد قسم جريرسون الإنتاج السينمائي التسجيلي إلى مستويين أو نوعين لكل منهما أهدافه الخاصة وأسلوب إعداده المميز ومجالاته على النحو التالي:
1-             مستوى أعلى: وهو الذي يرى أنه يجب أن يقتصر عليه مصطلح الأفلام التسجيلية التي تتضمن مغزى سياسياً اجتماعياً وتقدم معالجة خلاقة لموضوعاتها وتعكس وجهة نظر المخرج.
2-             مستوى أدنى أو أقل: وهو الذي يشتمل على بقية أنواع الإنتاج السينمائي التسجيلي كالجرائد والمجلات السينمائية وأفلام المعرفة والأفلام العلمية والتعليمية وأفلام الرحلات..، والتي تعكس –بدورها- الواقع فقط دون تقديم رأي أو تحليل.
ومن هنا قسم جريرسون الإنتاج السينمائي التسجيلي إلى مستويين أو نوعين: مستوى أعلى، وهو الذي يرى أنه يجب أن تقتصر عليه تسمية الأفلام التسجيلية، ومستوى أدنى أو أقل، وهو الذي يحتوي عليه بقية أنواع الإنتاج السينمائي التسجيلي كالجرائد والمجلات السينمائية وأفلام المعرفة والأفلام العلمية والتعليمية، وفي المستوى الأعلى تكمن طبيعة الفيلم التسجيلي كمعالجة خلاقة للواقع، كلما تعمق الفيلم التسجيلي في معالجة الموضوع، وقدم تفسيراً درامياً للحقيقة التي يتناولها الموضوع وتناول الواقع في معالجة إبداعية خلاقة ارتفع قدره وقيمته إلى أن يصل إلى أعلى مستوى من الفن الرفيع، وطبقاً لذلك تم تقسيم أنواع الأفلام التسجيلية بدءاً من المستويات الدنيا وانتهاءً بالمستويات العليا،
 وذلك على النحو التالي:
×     أولاً: مرحلة الوصف البسيط للمادة الطبيعية:
وتتضمن هذه المرحلة أنواع الأفلام التسجيلية التي يتم تصنيفها في المستوى الأدنى، وهي المرحلة التي يطلق عليها مرحلة الوصف البسيط للمادة الطبيعية، وتشتمل هذه المرحلة على اللقطات التسجيلية الخام وعلى الفيلم الإخباري والمجلة السينمائية (الصحافة السينمائية).
×     ثانياً: مرحلة الوصف المتقدم للمادة الطبيعية:
وتتضمن هذه المرحلة مجموعة من بعض أنواع الأفلام التي تدور في فلك الفيلم التسجيلي، والتي يطلق عليها أحياناً اسم أفلام المعرفة أو أفلام المحاضرات، وتنمو أهمية هذا النوع من الأفلام باعتبارها وسيلة ناجحة في نشر الثقافة والتعليم والتدريب والتوعية والإرشاد على مستوى التعليم النظامي وغير النظامي، وفي إطار الاهتمام بالتدريب المستمر في مختلف القطاعات.
×     ثالثاً: مرحلة الوصف العميق للمادة الطبيعية والتحليل والتفسير الدرامي:
في هذه المرحلة ينتقل الفنان التسجيلي من مجرد الوصف البسيط للمادة الطبيعية والمتمثل في اللقطات التسجيلية الخام والجرائد والمجلات السينمائية، وينتقل الفنان أيضاً من مرحلة الوصف المتقدم للمادة الطبيعية والمتمثل في الأفلام التعليمية والعلمية والتدريبية والإرشادية، ينتقل من هاتين المرحلتين إلى أرقى مرحلة وهي مرحلة الترتيب وإعادة التنظيم ثم التكوين الفني للمادة الطبيعية، وهذه المرحلة هي التي تتضمن أفضل أنواع الأفلام التسجيلية وأرقاها، وهي الأفلام غير الروائية التي لا تعتمد على القصة والخيال، وتستمد مادتها من العناصر الطبيعية الواقعية سواء كان بنقل الحوادث مباشرة أو عن طريق إعادة تكوين وتعديل هذا الواقع بشكل قريب من الحقيقة الواقعية، وهذا النوع من الأفلام يدور أساساً حول فكرة رئيسية ويستهدف مجموعة من المشاهدين ويتميز بقصر زمن العرض.
وكلما تعمق هذا النوع من الأفلام التسجيلية في معالجة الموضوعات والتنقيب عن جذور المشكلة وتتبع وشرح المسببات الأصلية وعرض نتائج البحث فيها، وكلما قدم تفسيراً درامياً للحقيقة التي يتضمنها الموضوع دون تزييف أو تحوير، وتناول الواقع في معالجة إبداعية خلاقة.. ارتفع قدره وقيمته إلى أن يصر إلى هذه المرحلة الثالثة وهي مرحلة الوصف العميق للمادة الطبيعية والتحليل والتفسير الدرامي لها.
وتشتمل هذه المرحلة على كل أنواع الأفلام التسجيلية التي تتوافر فيها الشروط التي سبق ذكرها، فهي من الممكن أن تشتمل على الأفلام التسجيلية التي تعالج كافة الموضوعات مثل أفلام الكفاح الوطني والمعركة، وأفلام التطور الحضاري (تنمية زراعية وصناعية، وتنمية المجتمعات الجديدة، وتنمية الريف، ومشروعات الأمن الغذائي..) وأفلام الحضارة المصرية والتاريخ، والأفلام التي تعالج موضوعات الشباب والرياضة والأطفال..، والأفلام التي تعالج الموضوعات الخاصة بالفنون، وغير ذلك من الموضوعات الأخرى التي تتناولها الأفلام التسجيلية والتي يتم معالجتها طبقاً لمواصفات المرحلة الثالثة من الوصف والتي تتطلب الوصف العميق للمادة الطبيعية والتحليل والتفسير الدرامي لها.



ــــــــــــــــــــــــــ



بالتوفيق،،،،،،

Mamdouh Hakim
هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افضل 10 مواضيع